مياه الحسكة.. أداة حرب… بقلم: أحمد حمادة

أكثر من مليون مواطن سوري في الجزيرة يعانون الأمرّين بسبب قطع المحتلين الأتراك والأميركيين وأداتهما الانفصالية “قسد” المياه عنهم، مع غياب أي تحرك أممي فاعل يلجم المعتدين ويعيد “المياه إلى مجاريها”، وكأن ما يسمى المجتمع الدولي بما فيه منظماته السياسية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، مختصون بحفظ الأمن والسلم الدوليين وحماية حقوق الإنسان لشعوب دون سواها.

والمفارقة الصارخة هنا أن عمليات قطع المياه، بما تعنيه من استخدام لها كسلاح حرب وأداة لتحقيق غايات سياسية، أولها محاولة تعطيش أهلنا بهدف تهجيرهم، ليست وليدة اليوم، بل تكررت عشرات المرات خلال السنوات السابقة من عمر الحرب والإرهاب والحصار، من دون أن نرى وقفة واحدة من تلك المنظمات تدين أو تطالب أو تتحرك بشكل فوري وفاعل لإيقاف هذا الانتهاك الجسيم للقانون الدولي والمواثيق وجميع الأعراف الدولية.

ويخطئ من يظن أن الاحتلال الأميركي، ومعه التركي، يقومان بمثل هذا الانتهاك الخطير لحقوق السوريين بمعزل عن سياسة واشنطن وأنقرة واستراتيجيتهما العدوانية ومخططاتهما التفتيتية نحو سورية، التي نرى فصولها التصعيدية هذه الأيام على أكثر من مستوى.

فمن يقرأ توقيت هذا التعطيش وذاك الحصار يرَ أنه يتزامن مع مجمل تحركات العاصمتين المشبوهة في سورية عموماً ومنطقة الجزيرة بشكل خاص، وحتى المنطقة برمتها، وكذلك مع تحركات بعض العواصم الغربية كباريس في الأراضي السورية، فرئيس النظام التركي كان قبل أيام يتبجح خلال زيارته لعواصم الخليج العربي بعدم انسحاب قواته المحتلة من سورية بذريعة محاربة الإرهاب، وقواته المحتلة لم تتوقف يوماً عن قصفها الوحشي لمناطق في شمال سورية وشرقها، تحت حجج واهية، مثل حماية “الأمن التركي” المزعوم، وملاحقة المعارضين من الفصائل “الكردية” المناوئة لأنقرة.

وقبل ذلك بأيام تسلل وفد من وزارة الخارجية الفرنسية بشكل غير مشروع إلى الأراضي السورية المحتلة، والتقى التنظيمات الإرهابية والانفصالية هناك، في تأكيد جديد لدور باريس التخريبي على الأراضي السورية، وعدائها للشعب السوري، وشراكتها الكاملة مع “داعش” الإرهابية و”قسد” الانفصالية، وحاضر علينا أعضاء الوفد “الدبلوماسي” بالقوانين والإنسانية، وحاول توزيع شهادات حسن السلوك في الشرعية والديمقراطية.

والأمر ذاته ينسحب على المحتل الأميركي، فإدارة بايدن كثّفت من وجودها العسكري بالمنطقة برمتها، بدءاً من البحر الأحمر مروراً بمضيق هرمز بالخليج العربي وصولاً إلى التنف والجزيرة السوريتين، بذريعة محاربة الإرهاب وضمان الأمن بالمنطقة، وتزامن ذلك أيضاً مع تفعيل إجراءات الحصار والعقوبات القسرية أحادية الجانب، والدفع بقوانين عنصرية جديدة ضد سورية إلى أروقة الكونغرس بذرائع واهية، وتحت عناوين مكافحة المخدرات وغيرها.

كل هذه السياسات المبرمجة تتزامن مع قطع المياه عن أهلنا في الجزيرة ومحاولة تهجيرهم، وكل ذلك يجري تحت صمت أممي مريب، وفي ظل سكوت مجلس الأمن الدولي عن تلك الجرائم الممنهجة التي تشكل تهديداً خطيراً للصحة العامة، ولصحة مئات آلاف الأطفال في الجزيرة السورية خاصة.

فهل يستيقظ ضمير ما يسمى المجتمع الدولي، ويستنفر لإجبار المحتلين على إنهاء وجودهم اللاشرعي وإنهاء معاناة أهلنا هناك، وإعادة الاستقرار للمنطقة وتحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية فيها، أم إنه سيظل يغط في نومه العميق كما شهدناه في فلسطين وسواها منذ عشرات السنين؟.

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً

دعم واشنطن للعدوان الإسرائيلي.. وحساب الربح والخسارة!… بقلم: جمال ظريفة

لا وصف لما منيت به السياسة الأمريكية في الآونة الأخيرة بعد الانخراط بالعدوان على غزة …